فصل: سورة محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نيل المرام من تفسير آيات الأحكام



.تفسير الآية رقم (64):

الآية الثانية:
{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (64)}.
{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ}: البيتوتة: هي أن يدركك الليل نمت أم لم تنم.
قال الزجاج: من أدركه الليل فقد بات نام أو لم ينم كما يقال: بات فلان قلقا.
والمعنى يبيتون.
{لِرَبِّهِمْ سُجَّداً}: على وجوههم.
{وَقِياماً (64)}: على أقدامهم، ومنه قول امرئ القيس:
فبتنا قياما عند رأس جوادنا ** يزاولنا عن نفسه ونزاوله

والظاهر أنه وصف لهم بإحياء الليل كله أو أكثره.

.تفسير الآية رقم (67):

الآية الثالثة:
{وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (67)}.
{وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا}: من قتر يقتر، أو أقتر يقتر. ومعنى الجميع التضييق في الإنفاق.
قال النحاس: أحسن ما قيل في معنى الآية: أن من أنفق في غير طاعة اللّه فهو الإسراف ومن أمسك عن طاعة اللّه فهو الإقتار ومن أنفق في طاعة اللّه فهو القوام.
وقال إبراهيم النخعي: هو الذي لا يجوع ولا يعرى ولا ينفق نفقة يقول الناس قد أسرف.
وقال يزيد بن حبيب: أولئك أصحاب محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كانوا لا يأكلون طعاما للتنعم واللذة، ولا يلبسون ثوبا للجمال، ولكن كانوا فريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع ويقويهم على عبادة اللّه، ومن اللباس ما يستر عوراتهم ويقيهم الحر والبرد.
وقال أبو عبيدة: لم يزيدوا على المعروف ولم يبخلوا، كقوله: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: 29].
{وَكانَ}: أي إنفاقهم.
{بَيْنَ ذلِكَ}: الإفراط أو التفريط.
{قَواماً (67)} بكسر القاف: ما يدوم عليه الشيء ويستقر وبالفتح العدل والاستقامة، قاله ثعلب.
وقيل: بالفتح العدل بين الشيئين، وبالكسر ما يقام به الشيء لا يفضل عنه ولا ينقص.
وقيل: بالكسر السداد والمبلغ.

.تفسير الآية رقم (74):

الآية الرابعة:
{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (74)}.
{وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (74)} أي قدوة يقتدى بنا في الخير.
وإنما قال إماما ولم يقل أئمة لأنه أريد به الجنس كقوله: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [الحج: 5]، وقيل: إنه من الكلام المقلوب، وأن المعنى: واجعل المتقين لنا إماما، وبه قال مجاهد.
وقيل: إن هذا الدعاء صادر عنهم بطريق الانفراد وإن عبارة كل واحد منهم عند الدعاء: واجعلني للمتقين إماما، ولكنها حكيت عبارات الكل بصيغة المتكلم مع الغير لقصد الإيجاز.
وقال الأخفش: الإمام جمع آمّ من أمّ يؤم جمع على فعال كصاحب وصحاب وقائم وقيام وقيل: إنه مصدر كالقيام والصيام.
وقيل غير ذلك.
قال النيسابوري: قيل: في الآية دلالة على أن الرياسة الدينية مما يجب أن يطلب ويرغب فيها، والأقرب أنهم سألوا اللّه أن يبلغهم في الطاعة المبلغ الذي به يشار إليه ويقتدى بهم.

.سورة القصص:

وهي مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء.

.تفسير الآية رقم (27):

الآية الأولى:
{قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27)}.
{قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ}: فيه مشروعية عرض ولي المرأة لها على الرجل، وهذا سنة ثابتة في الإسلام كما ثبت من عرض عمر لابنته على أبي بكر وعثمان- والقصة معروفة- وغير ذلك، كما وقع في أيام الصحابة وأيام النبوة.
وكذلك ما وقع من عرض المرأة لنفسها على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.
{عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ}: أي على أن تكون أجيرا لي ثمان سنين ترعى غنمي.
{فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ}: أي تفضلا منك لا إلزاما مني لك، جعل ما زاد على الثمانية الأعوام إلى تمام العشرة أعوام موكولا إلى المروءة.
{وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ}: بإلزامك إتمام العشرة الأعوام واشتقاق المشقة من الشق أي شق بطنه نصفين، فتارة يقول: أطيق، وتارة يقول: لا أطيق.
ثم رغبه في قبول الإجارة فقال: {سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27)}: في حسن الصحبة والوفاء.
وقيل: أراد الصلاح على العموم، فيدخل صلاح المعاملة في تلك الإجارة تحت الآية دخولا أولياء، وقيد ذلك بالمشيئة تفويضا للأمر إلى توفيق اللّه ومعونته.

.سورة محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم:

آياتها تسع وثلاثون، وقيل: ثمان وثلاثون آية.
وتسمى سورة القتال، وسورة الذين كفروا.
وهي مدنيّة. قال الماوردي: في قول الجميع إلا ابن عباس وقتادة فإنهما قالا: إلا آية نزلت منها بعد حجة الوداع حيث خرج من مكة وجعل ينظر إلى البيت وهو يبكي حزنا فنزل قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ} [محمد: 13].
وقال الثعلبي: إنها مكية. وهو غلط من القول، فالسورة مدنيّة كما لا يخفى.

.تفسير الآية رقم (4):

الآية الأولى:
{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (4)}.
{فَشُدُّوا الْوَثاقَ}: بالفتح، وتجيء بالكسر، اسم الشيء الذي يوثق به كالرباط.
والمعنى إذا بالغتم في قتلهم فأسروهم واحفظوهم بالوثاق.
{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً} أي فإما أن تمنوا عليهم بعد الأسر منا أو تفدوا فداء.
والمن: الإطلاق بغير عوض.
والفداء: ما يفدي به الأسير نفسه من الأسر. ولم يذكر القتل هنا اكتفاء بما تقدم، وإنما قدم المن على الفداء لأنه من مكارم الأخلاق، ولهذا كانت العرب تفتخر به:
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم ** إذا أثقل الأعناق حمل المغارم

ثم ذكر سبحانه الغاية لذلك فقال: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها}.
أوزار الحرب: آلاتها التي لا تقوم إلا بها من السلاح والكراع، أسند الوضع إليها وهو لأهلها على طريق المجاز.
والمعنى أن المسلمين مخيرون بين تلك الأمور إلى غاية، هي أن لا يكون حرب مع الكفار.
وقال مجاهد: المعنى حتى لا يكون دين غير دين الإسلام، وبه قال الحسن والكلبي.
وقال الكسائي: حتى يسلم الخلق.
قال الفراء: حتى يؤمنوا ويذهب الكفر.
وقيل: المعنى حتى يضع الأعداء المحاربون أوزارهم وهو سلاحهم بالهزيمة أو الموادعة.
وروي عن الحسن وعطاء أنهما قالا: في الآية تقديم وتأخير، والمعنى: فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها، فإذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق.
وقد اختلف العلماء في هذه الآية: هل هي محكمة؟ أو منسوخة؟
فقيل: إنها منسوخة في أهل الأوثان، وأنه لا يجوز أن يفادوا ولا يمن عليهم، والناسخ لها قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] وقوله: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: 57]، وقوله: {وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36]، وبهذا قال قتادة والضحاك والسدي وابن جريج وكثير من الكوفيين.
قالوا: والمائدة آخر ما نزل، فوجب أن يقتل كل مشرك إلا من قامت الدلالة على تركه كالنساء والصبيان، ومن يؤخذ منه الجزية. وهذا هو المشهور من مذهب أبي حنيفة.
وقيل: إن هذه الآية ناسخة لقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]، روي ذلك عن عطاء وغيره.
وقال كثير من العلماء: إن الآية محكمة وإن الإمام مخير بين القتل والأسر، وبعد الأسر مخير بين المن والفداء. وبه قال مالك والشافعي والثوري والأوزاعي وأبو عبيد وغيرهم وهذا هو الراجح، لأن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والخلفاء الراشدين من بعده فعلوا ذلك.
وقال سعيد بن جبير: لا يكون فداء ولا أسر إلا بعد الإثخان والقتل بالسيف لقوله: {ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67]، فإذا أسر بعد ذلك فللإمام أن يحكم بما رآه من قتل أو غيره.

.تفسير الآية رقم (35):

الآية الثانية:
{فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (35)}.
{فَلا تَهِنُوا}: أي لا تضعفوا عن القتال.
والوهن: الضعف.
{وَلا تَدْعُوا}: أي الكفار.
{إِلَى السَّلْمِ}: أي الصلح، ابتداء منكم فإن ذلك لا يكون إلا عند الضعف.
قال الزجاج: منع اللّه المسلمين المؤمنين أن يدعوا الكفار إلى الصلح وأمرهم بحربهم حتى يسلموا.
واختلف أهل العلم في هذه الآية: هل هي محكمة؟ أو منسوخة؟ فقيل: إنها محكمة وناسخة لقوله: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها} [الأنفال: 61].
وقيل: منسوخة بهذه الآية. ولا يخفى عليك أن لا مقتضى للقول بالنسخ، فإن اللّه سبحانه نهى المسلمين في هذه الآية أن يدعوا إلى السّلم ابتداء ولم ينه عن قبول السّلم إذا جنح إليها المشركون، فالآيتان محكمتان ولم تتواردا على محل واحد حتى يحتاج إلى دعوى النسخ أو التخصيص.
وجملة: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}: مقررة لما قبلها من النهي، أي وأنتم الغالبون بالسيف والحجة.
قال الكلبي: أي آخر الأمر لكم وإن غلبوكم في بعض الأوقات.
وكذا قوله: {وَاللَّهُ مَعَكُمْ}: أي بالنصر والمعونة عليهم.

.سورة الفتح:

تسع وعشرون آية.
كلها مدنيّة بالإجماع، قاله القرطبي.
وقال مروان ومسوّر بن مخرمة: نزلت بين مكة والمدينة في شأن الحديبية وهذا لا ينافي الإجماع، لأن المراد بالسّور المدنية السّور النازلة بعد الهجرة من مكة.

.تفسير الآية رقم (25):

الآية الأولى:
{هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (25)}.
{وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ}: يعني المستضعفين ممن آمن بمكة.
ومعنى: {لَمْ تَعْلَمُوهُمْ}: لم تعرفوهم.
وقيل لم تعلموا أنهم مؤمنون.
{أَنْ تَطَؤُهُمْ}: بالقتل والإيقاع بهم، يقال: وطئت القوم أي أوقعت بهم. وذلك أنهم لو أخذوا مكة عنوة بالسيف لم يتميز المؤمنون الذين هم فيها من الكفار، وعند ذلك لا يأمنوا أن يقتلوا المؤمنين فتلزمهم الكفارة وتلحقهم سبة.
وهو معنى قوله: {فَتُصِيبَكُمْ}، أي من جهتهم.
{مَعَرَّةٌ}: أي مشقة بما يلزمكم في قتلهم من كفارة وعيب.
وأصل المعرة: العيب، مأخوذة من العر وهو الحرب. وذلك أن المشركين سيقولون إن المسلمين قد قتلوا أهل دينهم.
قال الزجاج: معرة أي إثم، وكذا قال الجوهري- وبه قال ابن زيد-.
وقال الكلبي ومقاتل وغيرهما: المعرة كفارة قتل الخطأ.
وقال ابن إسحاق: المعرة غرم الدية.
وقال قطرب: المعرة الشدة، وقيل: الغم.
{بِغَيْرِ عِلْمٍ} متعلق بأن تطئوهم أي غير عالمين. وجواب لولا محذوف أي لإذن اللّه عز وجل لكم، أو لما كف أيديكم عنهم.